نعمة لا تساويها نعمة
التعاون بين الراعي والرعية
روابط مادية وأخرى معنوية
هدى الله به من الضلالة، وأنقذ به من الجهالة. فكم ألان قاسياً وهذب خشناً، وعلم جاهلاً، ونبه غافلاً. وكم أزال من تقاعد وكسل. وكم أصلح من فاسد وإخلال وخلل، وكم حث على الخيرات والفضائل، وحذر من الشرور والرذائل. وكم جمع الأشتات ولمتفردات، وكم أزال ...
الحمد لله الذي شرع لنا من الدين ما وصى به المرسلين، وأكمله وأتم به النعمة على المؤمنين، وجعله حجة قاطعة وآية ساطعة على المعاندين، وأشهد أن لا إله إلا الله فإياه نعبد وإياه نستعين، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله سيد المرسلين، اللهم صل وسلم على محمد, وعلى آله وأصحابه الذين أصلح الله بهم الدنيا والدين.
أما بعد:
أيها الناس, اتقوا الله, واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم قبل هذا الدين أعداء, فألف بينكم بهذا الدين القويم, وكنتم قبله غواة ضالين, فهداكم به الصراط المستقيم، فهو الدين الحاوي لروح الرحمة والعلم والحكمة، المساوي في أحكامه بين أصناف الأمم, على وفق العدالة والرأفة والرحمة.
هدى الله به من الضلالة، وأنقذ به من الجهالة.
فكم ألان قاسياً وهذب خشناً، وعلم جاهلاً، ونبه غافلاً.
وكم أزال من تقاعد وكسل، وكم أصلح من فاسد وإخلال وخلل، وكم حث على الخيرات والفضائل، وحذر من الشرور والرذائل؟
وكم جمع الأشتات ولمتفردات، وكم أزال من ظلم وأصلح المتصدعات؟
وكم مكن لأهله من نظم منوعة فيها صلاحهم؟ وكم حداهم إلى ما فيه رحبهم وفلاحهم؟
فهو السراج الذي بنوره إلى كل مشكلة يسترشدون.
وهو الأساس الأعظم الذي عليه بنيانهم وعليه يعتمدون.
صحح العقائد, وهذب العلوم, وأصلح الأعمال، وإليه يلجأ الخصوص والعموم.
نهج لأهله السعي لإدراك السعادتين، وجمع بين ترقية الأرواح والأجساد وجهين متفقين، وأعان كل منهما للآخر فمشيا مصطحبين.
فأمر المؤمنين بما أمر به المرسلين، فقال: ابتغوا فضل ربكم بالأسباب النافعة، واستعينوا بها على عبادة رب العالمين.
الإخلاص لله شعاره، والنصح والإحسان للعباد دثاره، والنشاط إلى الأمور النافعة أنيسه، والعلم الصحيح, والعمل الصالح جليسه.
دعا إلى المعارف الشرعية الدينية، وإلى المعارف الأفقية الكونية، ومع ذلك أمرهم أن لا يكتفوا بالعلم عن العمل، ولا يدعوا استثمار المواهب والاستعدادات التي فيهم, ويخلدوا الاستعانة بالملك القدير، ونظمه تساير في سيرها الإعصار، وتسابق في سيرها الليل والنهار، وتغلب في خيرها السحب الغزار، خضعت العقول الصحيحة لحكمه وأحكامه، واسترشدت به واهتدت إلى علمه وأعلامه، فقوم الدين معوجها المائل، وأوضح المشكلات وحل المشاكل، وتكفل بإصلاح العاجل والآجل, وعصم من الشرور وأنواع المهالك.
فليس له ند في شيء من ذلك ولا مشارك، وهو مع ذلك يحث على التعاون بين الراعي والرعية، ويعرفهم أن المنافع مشتركة بينهم محفوظة مرعية، ويحذرهم من اليأس والكسل، وينفخ فيهم روح الرجاء, وقوة الأمل، ويربط بالروابط المعنوية والمادية أدناهم بأقصاهم، ويجمع لهم بين مصالح دنياهم وأخراهم؛ فما من خير ونفع وصلاح إلا دعا إليه، وبين الوسائل والطرق الموصلة إليه: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْأِسْلامَ دِيناً ) [المائدة: من الآية3].
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم.