السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
علامة نقص الإيمان في قلب العبد
قال أحد الصالحين: من علامة نقص الإيمان في قلب العبد أولاً: عدم تأثُّره على فوات شيءٍ من مرضاة الله، هذا الميزان الأول، الميزان الثاني: -قال- عدم حفظ جوارحه ممَّا حرَّم الله عزَّ وجلَّ مع أنَّه يعلم أنَّه سوف يُحاسب عليها، هذان الميزانان سوف نبني عليهما الدرس كلَّه حتى الإنسان ينظر إلى نفسه هل عنده نقص في إيمانه؟ هل إيمانه يزيد أم إيمانه ينقص؟
فأوَّل ميزان سوف نتكلم عليه بشيءٍ من البسط والشرح، فأوَّل ميزان قال -رحمه الله-: هو عدم تأثُّره على فوات شيءٍ من مرضاة الله، يعني إذا فاته شيء من مرضاة الله عزَّ وجلَّ، من طاعة الله، من عبادة الله، تجد هذا الإنسان لا يتأثَّر ولا يتحسَّر ولا يتألَّم ولا يهتمّ ولا يغتمّ، هذه مشكلة من المشكلات، ومرضاة الله عزَّ وجلَّ تنقسم إلى قسمين: هناك مرضاة لله عزَّ وجلَّ في الأمور الواجبة، وهناك مرضاة لله عزَّ وجلَّ في الأمور المستحبَّة، هناك قسم آخر كذلك مرضاة لله عزَّ وجلَّ في العبادات القاصرة التي تقتصر على العبد نفسه، وهناك مرضاة لله عزَّ وجلَّ في الأمور المتعدِّية التي يتعدَّى نفعها للغير.
فأوَّل قسم: هناك -مثلاً على سبيل المثال- المرضاة الواجبة فتجد هذا الإنسان لا يهتمُّ بصلاته -الصلاة الواجبة- فلو تأخَّر أو أخَّر الصلاة عن وقتها ما عنده مشكلة، لا يتأثَّر ولا يحزن، لو فاتته صلاة الجماعة لا يتأثَّر لا يحزن، وهكذا بقية الواجبات لا يهتمّ -مثلاً- بصلة الأرحام، لا يهتمّ -مثلاً- ببرِّ الوالدين، لا يهتمّ -مثلاً- بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، هذه واجبات، فتجد هذا الإنسان لا يحرص عليها ولا يهتمُّ بها ولا يحزن على فواتها.
القسم الثاني من مرضاة الله عزَّ وجلَّ في الأمور المستحبَّة -النوافل، السنن-؛ فتجد هذا الإنسان لو فاتته -مثلاً- تكبيرة الإحرام مع الجماعة لا يتأثَّر، لو فاته مثلاً الصفُّ الأوَّل لا يتأثَّر، لا يتأثَّر، فينبغي على العبد أن يُحافظ وأن يهتمَّ وأن تشتدَّ عنايته فيما يحبُّه الله عزَّ وجلَّ ويرضاه، سواء كان من أمور الواجبات أو الأمور المستحبات، وخذوها قاعدة، اكتبوها عندكم قاعدة: كل فضيلة من الفضائل لا تهتمّ بها ولا تحزن على فواتها فاعلم أنَّ فيك علامة من علامات نقص الإيمان.
والفضائل كثيرة هناك فضائل يوميَّة، هناك فضائل أسبوعيَّة، هناك فضائل شهريَّة، هناك فضائل سنويَّة، فعلى سبيل المثال من الفضائل اليوميَّة: قيام الليل، صلاة الضحى، السنن الرواتب، قراءة القرآن، الأذكار التي بعد الصلوات، هذه من الفضائل اليوميَّة، فإذا وجدت نفسك أنَّك لا تهتمّ بها ولا تحرص عليها ولا تحزن على فواتها فاعلم أنَّ فيك نقص في إيمانك.
هناك فضائل أسبوعيَّة مثل: يوم الجمعة مثلاً، فتجد بعض الناس لا يأتي إلى صلاة الجمعة إلا مع خطبة الإمام، فلا يهتمّ أن يأتي مبكِّرًا، ولا يهتمّ مثلاً بساعة الإجابة -وهي آخر ساعة من يوم الجمعة-، إلى غير ذلك من الفضائل التي في يوم الجمعة.
كذلك هنالك فضائل شهريَّة وهي: صيام ثلاثة أيام من كل شهر. هناك فضائل سنويَّة في السنة تمرُّ عليك مرَّة واحدة مثل: صيام يوم عرفة، صيام يوم عاشوراء، صيام الست من شوال، صيام المحرم، صيام شعبان، وغير ذلك من الفضائل. فإذا وجدت من نفسك -يا عبد الله- أنَّك لا تهتمّ بفضائل الأعمال ولا تحرص عليها ولا تحزن على فواتها فاعلم أنَّ فيك علامة من علامات نقص الإيمان.
كذلك ممَّا يدخل في مرضاة الله عزَّ وجلَّ الاهتمام بالسنن اليوميَّة -وما أكثر السنن اليوميَّة!- فإذا وجدت نفسك أنَّك لا تهتمّ بهذه السنن فاعلم أنَّ فيك نقصًا في إيمانك، مثلاً على سبيل المثال من السنن اليوميَّة: سنَّة السواك، كثير من الناس لا يحرص على السواك مع أنَّه من السنن المؤكَّدة فكم مرَّة تستاك في يومك؛ في الصلوات سواء كانت فريضة أو نافلة، عند الوضوء فتجد بعض الناس يتكاسل ويتثاقل أن يُخرج السواك من جيبه حتَّى يتسوَّك، قال: ...بس خلِّينا نصلي، لا هذا من علامات نقص الإيمان، إذا وجدت نفسك أنَّك تحتقر المعروف إذا كان صغيرًا أو يسيرًا أو قليلاً فاعلم أنَّ فيك علامة من علامات نقص الإيمان، ولهذا رسولنا صلى الله عليه وسلم نبَّهنا على هذا الأمر، قال صلى الله عليه وسلم: "لا تحقرنَّ شيئًا من المعروف ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق"، إذن لا بدَّ -يا أحبابي الكرام- أن نهتمّ بفضائل الأعمال كلّها، أن نهتمَّ بالسنن اليوميَّة كلِّها، كثيرٌ من الناس لا يهتمُّ بإتقان العبادة همُّه الأول والأكبر أنَّه يؤدي هذه العبادة، يُصلي؛ كيف صلَّى ما عنده مشكلة؛ لا،
لا بدَّ أن تهتمَّ بكيفيَّة العبادة، أن تتقن هذه العبادة، أن تحرص على الأركان والواجبات والمستحبَّات والسنن وكل شيء فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه العبادة، أي كالصلاة لأنَّ الرسول صلى الله عليه وسلم قال: "صلُّوا كما رأيتموني أصلي" فتجد بعض الناس همُّه أن يُصلي فقط: والله أنا صلّيت مع الجماعة، كيف صلّيت؟ ماذا قرأ الإمام؟ ماذا قلت في سجودك؟ لا يهتمّ بهذه الأمور، ولا تجده يخشع في صلاته، فهذه علامة من علامات نقص الإيمان. ولا يتدبَّر ما يقول! انتبهوا -يا أحبابي الكرام-! هذه علامة من علامات نقص الإيمان، عدم تدبُّر الأذكار وتدبُّر الأدعية، الإنسان يقول هذه الأذكار وهذه الأدعية مجرَّد يقولها بلسانه ولا يقولها من قلبه، ولا يتأثَّر ولا يتفاعل معها لا شكَّ أنَّ هذا دليل وعلامة من علامات نقص الإيمان في قلب هذا العبد، فهذا أمرٌ مهم لا بدَّ أن نهتمَّ به. عدم التكاسل في أداء العبادة؛ كثيرٌ من الناس يتثاقل.. عندما تقول له: لماذا لا تقرأ القرآن؟ تجده يتثاقل ويشعر بالكسل، لكن مثلاً في مشاهدة مباريات أو متابعة فضائيات أو قيل وقال فتجده -سبحان الله- من أنشط الناس، وتجد عنده القوة والعزم والحزم –سبحان الله- في أمور الدنيا، لكن في أمور العبادة والطاعة تجده من أكسل الناس، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: "المؤمن القويُّ أحبُّ إلى الله من المؤمن الضعيف"، إذن هذا القسم الأوَّل: وهو أنَّ مرضاة الله عزَّ وجلَّ تنقسم إلى قسمين: هناك مرضاة لله عزَّ وجلَّ في أمور الواجبات، وهناك مرضاة لله عزَّ وجلَّ في الأمور المستحبَّات